خُلق الإنسان من أجل الحياة الأبدية. كسْر إرادةِ الله يعني الموت، وهذا الواقع قد عضّنا جميعا. ومع ذلك، الموت لن ينتصر في النهاية، النصرُ لله.
في الموت، يصلُ زمن رحمتنا إلى نهايته. في هذه الدنيا المخلوقة، يُمكننا أن نحيا بفضل هِبات الله، بالرغم من أنّنا لا نأبهُ به البتّة. ماذا يحدُث، على كلّ حال، عندما نفقِد أموالَنا، الجمال، المنصِب، الصحّة والحياة؟ ماذا يحدث عندما نواجه الله ونحن عُراة بخطايانا، الله الذي منحنا الحياة عطيّةً والذي سيسألُنا كيف استعملناها وسلكنا فيها؟ علينا ألّا نكون عُراةً في تلك المرحلة. يُعلّمنا الكتاب المقدّس أنّه عن طريق الإيمانَ نرتدي كساءً طاهرًا إلى أبعد الحدود، بِرُّ المسيح وصلاحُه. ننال ذلك بالمعمودية وبالإيمان يكون لنا مُلكًا.
ماذا بخصوص ما بعد الموت؟ هلِ الموتى في الروح ينامون قبلَ القيامة، إحياء الموتى، في اليوم الأخير؟ يُلمِّح الكتاب المقدّس أنّه بعد الموت، ينتقل الإنسان إلى واقع آخرَ. إنّ معرفةَ طولِ هذه الفترة ليست ذات أهمية حاسمة، إذ أنّ جوهر القضية هو، هل تلك الفترة ستكون سعيدةً أم تعيسة كلّها عذاب بعذاب. عندما يكون الضمير صافيًا والشخص يعرف هويّةَ من ينتظر، عندَها يحسُن الانتظار والتمهّل.
”ولا نريد، أيّها الإخوة، أن تجهَلوا مصيرَ الراقدين، لئلا تحزَنوا كسائر الذين لا رجاءَ لهم. فإنْ كُنّا نؤمنُ
بأن يسوع مات ثمّ قام، فكذلك نؤمن بأنّ الذين رقدوا في يسوع، سينقُلُهُمُ اللهُ إليه معْ يسوعَ“.
( تسالونيكي الأولى ٤: ١٣-١٤)
المساعدة تأتي من يسوعَ المسيح. إنّ خوفَنا من الموت أمرٌ طبيعي جدّا. إنَّ الموت وما يرافقه من أمراض، حوادث ومآسٍ ــ هي ببساطة من الشرّ ولا تنتمي لخليقة الله. لا ريبَ أنّ الموتَ ليس طبيعيًّا، وعليك ألّا تُصادقه وتناصره. بولس الرسول يقول إنَّ الموتَ هو العدو النهائيّ. ولكن عملُ يسوعَ المسيحِ هو أقوى دليلٍ على أنّ الموتَ ومرافقيه لن تسود وتنتصر.
يسوع المسيحُ هزم الموت وقهره، وبصفتك ابنًا ليسوع، فإنّك ستقوم من خلال الموت، غالِبًا مظَفَّرا. إنتبِه! تأكّد من أنّك تنتمي إلى المسيح؛ إنّه سيسحَقُ موتَك! حتّى لو كنت لا تزال خائفًا، قُم بما يفعله طفل مذعور: أُركض إلى أبيك. إنّه يسيطر على الوضع، بالرغم من أنّ الليل كان طويلًا وحالكًا. العواطف تفشَل في كثير من الأحيان، لكن الإيمان الذي يضع ثقتَه بكلمة الله تكون له الغَلَبة.
”فقال لها (لمَرْتا) يسوع: أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي يحيا وإنْ مات. وكلّ من يحيا
مُؤمِنًا بي لا يموت أبدًا. أَتؤمنينَ بهذا؟“ (يوحنا ١١: ٢٥-٢٦)
صلاة : يا الله، الموت ما زال يُخيفني جدّا. هل ستكون معي؟
الموت ليس نهايةَ كلِّ شيء. يقول الكتاب المقدّس: ”ثم رأيتُ عرْشا أبيضَ عظيمًا، ورأيتُ الجالسَ عليه، وهو الذي هربتْ من أمام وجهه الأرضُ والسماءُ وما بقي لهما أثر. ورأيت الأمواتَ كِبارًا وصغارًا واقفين أمامَ العرش. وانفتحتِ الكتبُ، ثمّ انفتح كتابٌ آخرُ هو كتابُ الحياة، وعوقب الأمواتُ مثلما في الكتُب، كلُّ واحدٍ بأعماله“. (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١١-١٢).
أن نراهم في الجنّة، سيكون بالطبع أمرًا في غاية الروعة. أظنُّ أنَّ هناك نصيحةً جيّدة وهي أن تثِقَ بما للآخرين، وتشكُّ في ما يتعلّق بكَ. أُتركْ أقاربَك الموتى لعناية الله، وصَلِّ من أجلهم مرّةً واحدة أو مرّتين. وعليك أنت أن تضعَ ثقتَك بقاهر الموت. كما ويُمكنك أيضَا أنْ تُعزّي نفسَك بأنَّ لا أحدَ عندَ لله ميّت. بالنسبة إليه، كلُّ واحد حيٌّ يُرزق لأنّه غيرُ مرتبِط أو مُلزَم بقوانين هذا الكوْن.
”… لا تخف، أنا الأوّلُ والآخِرُ، أنا الحيُّ! كنتُ ميتًا، وها أنا حيٌّ إلى أبد الدهور. بيدي مفاتيحُ
الموت ومَثْوى الأموات“. (رؤيا يوحنا ١: ١٧ - ١٨).
صلاة: يا الله، إنّي أَترُك أحبّائي الموتى بين يديك الأمينتين.
الجوابُ نعم هنالك جحيم. العهد القديم يتحدّث قليلًا عمّا سيكون بعد الموت، ولكن في وقت قريب من العهد الجديد ويسوع، نرى أنّ رؤيا يوحنّا تُلقي الضوء حتّى على هذا الواقع المظلم. يقول يسوع المسيح إنّ الجحيم لم يُخلَق لبني البشر أصلًا بل لإبليسَ وملائكته. وتوصف جهنَّم بأنّها نار أبدية، بحيرة من النار، ظلام، انفصال، بكاء وصرير أسنان. عندما لا نستطيع القول كيف علينا حرفيًّا أن نفهم أوصاف الجحيم، يمكننا أن نكون راضين عن هذا التعريف: الجحيم هو الانفصال الأبديّ عن الله وكلّ صلاحه وبِرّه. لا ينبغي للمسيحي أن يكونَ معنيًّا بالجحيم، بل بالأحرى بكيفيّة تجنّبها. كما وعلينا أن نتذكّر أن يسوعَ المسيح، لم يأتِ إلى هذا العالَم ليُرْعبَنا بالجحيم، ولكن ليفدينا ويخلّصنا لنحظى بالنعيم. وأنت أيضا!
”ثمّ يقول للذين عن شِماله: ابْتعدوا عنّي، يا ملاعينُ، إلى النار الأبدية المهيّأة لإبليسَ وأعوانه“. (متى ٢٥: ٤١)
صلاة: يا يسوعَ المسيح، أنا لا أُريد أن أذهب إلى الجحيم. أَنقِذني!
الكتاب المقدّس لا يُحدّد أيَّ موقع جغرافي للجنّة في هذا العالَم المخلوق. توجد الجنّة حيثُ يُقيم الله في كماله المطلَق، فهو كلّ شيء وفي كلّ شيء. الجنّة وراءَ بحر النجوم. يقول الكتاب المقدس: ”له وحدَه الخُلودُ، مَسكِنُه نورٌ لا يُقتربُ منه، ما رآهُ إنسانٌ ولن يراهُ، له الإكرامُ والعِزَّةُ. آمين“. (١ تيموثاوس ٦: ١٦).
وعليه، نحن لن نصل لا إلى الله ولا إلى الجنّة عن طريق أيّة برامجَ استكشاف للفضاء، ولا من خلال تفكيرنا وعقلنا. هو بنفسه خرج من قوّة عظمته الخفيّة وكشف لنا ما نحتاج إليه من معرفة عن الجنّة. في الكتاب المقدّس، وبخاصّة في آخره، رؤيا يوحنّا، الكثير من الصوَر المتعلّقة بالجنّة. أمامَنا أوصاف وصُوَر لا يُمكن تركيبُها في صورة واحدة موحّدة. كيف ستبدو مدينةٌ بشكل مكعَّب ذات شوارع من ذهب؟ أو كيف ستظهر العبادة بنشوة، المتجددة دوْمًا وغير المتناهية؟ وماذا بشأن حديقة لا مثيلَ لرونفها وجمالها؟ ثم ما كنهُ هذا: الله، سبحانه وتعالى، بنفسه يمسَح دموعَك؟ وقد تحدّث معلّمو الكنيسة القُدامى عن الجنّة بأنّها ”النظر إلى الله بهناء وابتهاج“. - بالنسبة لي، على الأقلّ، هذه أسباب كافية تجعلُني أرغب في رؤية كلّ شيء!
”وسمعتُ صوتًا عظيمًا من العرش يقول: ها هو مسْكِنُ اللهِ والناس: يسكُن معهم
ويكونون له شعوبًا. الله نفسه معهم ويكون لهم إلهًا “. (رؤيا يوحنّا ٢١: ٣)
صلاة: أيّها الله، أريد أن أروحَ إلى الجنّة. خُذْني إلى هناك!