أحد أهمّ احتياجات الإنسان الأساسية، هو معرفة الهدف من الحياة. نحن غالبًا ما نبحث عن ذلك الهدف من خلال ما حولَنا من أشياءَ أو ناس، أو من خلال أحبِّائنا، أو الوظيفة، أو بداية تكوين الأُسْرة، أو عَبْر القيام بأعمال حسنة، أو في محاولتنا لجعل أنفسِنا أكثرَ معرفةً وذكاء. لكن، كلّ هذه الأمور لا تُشبع رغباتِنا، ولا تُجيب عن أسئلتنا التي في أعماقنا.
كي نجدَ معنى للحياة والهدفَ من حيَواتنا الفردية، لا مندوحةَ من الرجوع إلى المربَّع الأوّل: نحن جميعًا خُلقنا من أجل أن تكون لنا علاقة مع الله. إذ طالما نعيش بعيدين عن الله، نكون قد خسِرنا شيئًا أساسيًّا جدّا. إنّ أهمَّ هدف لحيواتنا ينبغي أن يكون العيش كما خُلقنا لنحيا، بعلاقة مع الله، بدون أيّة خطيئة تفصِلُنا عنه. أهمُّ شيء هو معرفة يسوعَ المسيح، لأنّه من خلاله تكون لنا الحياة، ويكون لنا الهدف فيها. عندما نُؤمن به، فسوف نكون قادرين على الوصول يومًا ما الى الجنّة لنكونَ مع أبينا السماوي.
حتّى عندما نتطلّع نحوَ الجنّة، هذا لا يعني أنّ حياتَنا على الارض لا معنى لها. نحن نمتاز بحُبّ الله لنا، وحبّنا له ونشر حُبّه في كلّ مكان حولَنا.
”فأجري إلى الهدف، للفوز بالجائزة التي هي دعوةُ الله السماوية في المسيح يسوع“. ( فيلبّي ٣: ١٤)
صلاة : أيّها الربّ الإله، عندما يتعذّرُ عليَّ فهمُ معنى الحياة، أَرِني الطريقَ لأتْبعَه!
توقّفْ لحظة للنظر في الحاسوب (الكومبيوتر)، الهاتف أو الجهاز الذي تستخدمه لقراءة هذه الكلمات. هل تُصدِّق إن قال لك أحدٌ أنّ ذلك الجهاز قد وُجد عن طريق الصدْفة؟ وأنّ جميع الأجزاء الصحيحة وردت هكذا من تِلقاء نفسها؟ إنّك تعلَم بالطبع أنّ شخصًا ما قد خطَّط، صمَّم، وصنع ذلك الجهاز لوظيفة مُحَدَّدة.
ماذا بخُصوص بقيّة العالَم والحياة عمومًا؟ إنّ العالَم، بلا شكّ، أكثرُ تعقيدًا واتّساعًا من أيّ جهاز تِقني. فكِّر فقط في أجسامنا البشرية المذهلة التي لا تُصدَّق. هناك أكثرُ من صُدفة أو مصادفة في كونه مدهشًا إلى هذا الحدّ.
من جهة أخرى، قد يبدو العالَم وكأنّه يعِجّ بالفوضى والقساوة، ومن الصعوبة بمكان العيش فيه. ولكنّ الحقيقةَ باقيةٌ - إنّه ربُّنا وإلهُنا، الآب الله الذي خلق العالَم.
نحن كلُّنا والعالَم من حولنا موجودون لأن اللهَ أراد ذلك. إنّه خلق العالَم وجعل كلَّ شئٍ يعمل لهدف ما. لا شيءَ خُلق بمَحْض الصدفة، بل خُلق بعناية وروعة، آخذًا في عين الاعتبار حتّى أدقّ التفاصيل. لا أحدَ جاء إلى هذا العالَم بالصدفة. أنت كائنٌ لأنّ الله أراد أن تكون. حياتك هي نتيجةُ خُطّة دقيقة وحُبّ أعظم.
”في البَدْءِ خلق الله السماواتِ والأرضَ ... وقال الله لنصنعَِ الإنسانَ على صورتنا كمثالنا، وليتسلّّطَ على سمك البحر وطير السماء والبهائم وجميع وُحوش الأرض وكلّ ما يَدِبُّ على الأرض. فخلق الله الإنسانَ على صورته، على صورة الله خَلق البشر، ذكرًا وأُنثى خلقهم. ونظر الله إلى كلّ ما صنعه، فرأى أنّه حسنٌ جدّا. وكان مساءٌ وكان صباحٌ يومٌ سادسٌ“. (سفر التكوين ١: ١، ٢٦-٢٧، ٣١).
صلاة : أيّها الله العزيز، افتحْ عينيََّ لأرى هديةَ الحياة التي منحْتني إيّاها. ساعِدني في أن أُمجِّدَك دومًا من كل قلبي“.
الكثير من الناس يعتقدون أنّ هناك شيئًا ما اسمه الله، أو قوّة خارقة، وأنّ العالَم أنشأه شخص ما، هذا الشيء غرس في الناس مفهومَي الصحيح والخطأ، وقاد الأحداث في التاريخ. حتى أنّ لدى الكُفّار نوعًا من المبادىء،”إله“ يتمتّع بسلطة عليا وهم يعتمدون عليه.
إنّ الحدْس الباطني، أو الرأي أو القناعة بخصوص وجود الله لا تقول لنا شيئًا عن الله، كيف هو وكيف يُمكننا أن نعرِفَه؟ من أجل معرفة الله، علينا التوجّه إليه، إلى كلمته، إلى الكتاب المقدّس. الله عظيم، ولا تستطيع عقولنا البشرية الخاطئةُ أن تسبُر غوره، ومن هنا نحن بحاجة لوضع ثقتنا به ليرينا نفسَه. خلق الله الكونَ وهو المسيطر عليه. زِد إلى ذلك، أنّ الله نزل الى الأرض في شكل إنسان في يسوع المسيح، وخلّصنا من الخطيئة. ولا يوجد إلهٌ آخرُ.
صلاة : أيّها الربّ العظيم ، أنا أُصلّي لتُصبحَ حقيقيًّا في حياتي. أَسألُك أن تسمَعني وتستجيبَ لصلواتي.
عندما نرى الشيطانَ والمعاناة من حولَنا، ومن الممكن حتّى في حياتنا الخاصّة، فإنّنا قد يعترينا الشكّ، هل الله حقًّا قادر على كلّ شيء وإله محبّ. ولكن في مثل تلك الأزمنة أيضًا يُمكننا أن نعتمدَ على كلمة الله،التي يمكن الوثوقُ بها أكثرَ من عقولُنا المحدودة.
الكتاب المقدّس يقول إنّ اللهَ هو ربّ الأباب وملك الملوك، ويحكُم العالَم بأسره. إنّه يرى كلّ شيء، ويعلم كل شيء، ولا يحدُث شيء بدون إذنه. على كل حال، بسبب سقوط الإنسان، حصل الشيطانُ على موطىء قَدَم في العالَم، ولكن لا يُمكنه القيامُ بأيّ شيء لا يسمَح به الله. الشيطان قد خسِر، لا حول له مقارنةً بقدرة الله. بموته على الصليب وصعوده الى السماء، هزم يسوعُ الشيطانَ وقِوى الشرّ.
غالبًا ما يكون من الصعب علينا إدراكُ نوايا الله ومقاصده، ولماذا في بعض الأحيان تسير الأمور بهذا الشكل أو ذاك، إلّا أنّنا نستطيع أن نثق دائمًا بأنّ الله ممسك بزمام الأمور. الله القدير يرى الصورة الكلية وبالتالي يرى ما الأحسن لنا. الله، خالقُ العالَم بكلمته قادر بأن يعتني بنا. في يوم من الأيّام سيتمكُن كلّف العالَممن رؤية عظمة إلهنا.
”أما عرَفتَ؟ أما سمِعتَ أنّ الربَّ إلهٌ سرمديّ، خلق الأرض بكاملها. لا يتعبُ ولا يكِلُّ أبدًا، وفهمُه يعصى على الإدراك؟“ ( إشعياء٤٠: ٢٨)
صلاة : أيّها الربّ، لك كل القوّة. ساعِدْني لأجدَ الأمنَ والأملَ فيك.
في الواقع لا يُمكن لأيّ شخص أن يرى الله، إلا أنّ الله هو الذي يبحث عن الإنسان ويجده. الله موجود في الأعالي حيث لا يراه أحد، ولكنّه أتى قريبًا منّا لكي يرانا، الله يكشِف نفسه بالقربان المقدّس: كلمة الله، المعمودية، المناولة والاعتراف بذنوبنا. لذلك علينا أن نبحَث عنه من خلال هذه الأمور.
إذا كنتَ مُعَمَّدًا، فمنَ الجيّد أن تُذكّر نفسَك بمعنى المعمودية. قانونُ الإيمان الرسوليُّ والكَتاخيسْمُس (أُصول التعليم المسيحي، العقيدة المسيحية للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في فنلندا، مُصدق في مجمع الكنيسة عام ١٩٩٩، إديتا، هلسنكي، ترجمة خضر توفيق سماعنة؛ أن تكون مسيحيا في فنلندا. دليل دورة التثبيت للمُهاجرين وللفنلنديين المُغتربين. هلسنكي ٢٠٠٧، ترجمة حسيب شحادة؛ حبّذا التعرّف على الديانة المسيحية، أسئلة المسلمين للمسيحيين. منشورات الكنيسة الإنجيلية-اللوثرية في فنلندا، ٤٥، هلسنكي، ٢٠١٦، ترجمة حسيب شحادة) يُشكّلان بداية جيّدةً وجديران بالرجوع إليهما دوما. نحن نستخدم هذه المادّة خلالَ دَوْرات مخيّمات التثبيت. حتّى وإن لم تكن قد تعمّدتَ فابدأ من هناك، كما وأُشجِّعك على قراءة الكتاب المقدّس. إبدأ القراءة في العهد الجديد، ولا سيّما الأناجيل الأربعة.
حاوِل أنْ تجد كنيسة لتشتركَ في قدّاس يوم الأحد. وخلال القدّاس يُمكنك مع سائر المصلّين، القيامُ بالاعتراف وتقبّل غُفران ذنوبك، والاستماع لتعاليم الكتاب المقدّس، الإنجيل أي البِشارة. عن طريق المناوَلة نقتربُ من الله أكثرَ؛ الله يلاقينا في الخبز والخمر، فالخبز جسدُ المسيح والخمر دمه.