يسوع المسيح - الهِبة والقُدْوة
كثيرٌ من الناس يتحدّثون عن يسوعَ المسيح، ولكنّهم لا ينوُون أن يكونوا مسيحيّين رسميًّا، بل ربّما مجرّد باحثين. إنّهم يتّفقون تمامًا على أنّ تعاليمَ يسوع المسيح حكيمةٌ وعادلة، ومن المحبّذ أن يقتدي كلُّ إنسان بها، يُعلّم ويعيش على هدْيها. قد يشعُر هؤلاء الناسُ بالدونية حيالَ الآخرين، ولكن أين غلطُهم؟
إنّهم، في الواقع، لم يرَوْا النقطة الجوهريةَ الأولى، وهي أنّ يسوعَ المسيحَ يعني شيئين لنا نحن المسيحيين؛ إنّه الهبة والقُدْوة. بدون هذا الاكتشاف، يظَلّ بحثُ الباحث غير منجَز.
يسوع المسيح هو الموْهبة
عندما نقول إنّ يسوعَ المسيح هو هبةٌ مُنحت لنا، فإنّنا نعني بهذا ما يلي: إنّه غفَر كلّ ذنوبي وجعلني ابنَ الله. حتّى بدون أن أستحقّ ذلك، أستطيع أن أكون بلا خطيئة نقيًا، لأنّ يسوعَ المسيحَ أزال أفعالي الشرّيرة من على صليب الجُلْجُثة. بالإضافة إلى ذلك، إنّه يسير معي جنبًا إلى جنب في كلّ يوم في حياتي، لا يكِلّ أبدًا عن الاعتناء بي ومن مسامحتي ومؤازرتي وقتَ الحاجة لأقفَ على قدَمي.
هذه هي الهبة التي أُثمّن عاليًا، حين أتمتّع بسرَّي المعمودية والعَشاء الربّاني/المناولة أوِ الاعتراف، وكذلك في كلّ وقتٍ أفتح فيه الكتابَ المقدّس. لا مطالبَ في تلك اللحظات، فالله وحده يُعطي بسخاء وأرْيَحية.
إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ ٱلْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ ٱلتَّبَنِّي ٱلَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا ٱلْآبُ (رسالة بولس الرسول إلى أهل رُومِية ٨: ١٥).
يسوع المسيح هو القُدْوة
عندما نقول إنّ يسوعَ المسيح هو قدوة لنا، فإنّنا نعني بهذا: عند نزول يسوعَ المسيح من إشراق الله وبهائه إلى هذه الأرض القذرة ليُضحّي بحياته من أجلنا، كان مثالًا يُحتذى به لكلّ واحد من أتباعه. وبما أنّ يسوع المسيحَ ضحّى بنفسه، ولم يأبَهْ بحياته من أجل خلاصي، وعليه فإنّي أعِي أنّه من واجبي الإقلاعُ عن حُبّ الذات والأنانية إلى حبّ القريب منّي. وهذا الحُبّ ليس مجرّدَ نظرية أو مفهوم، ولكنّه الاقتداءُ المستمرّ بصليب يسوعَ المسيح الذي قدّم نفسه من أجل ذنوب الناس، وكما صلّى وهو على الصليب من أجل مُعذّبيه. وهكذا لقد حصلتُ على الكثير من المسامحة والغفران، وبالتالي لا يحِقّ لي أن أغضَبَ على أحدٍ، ولا أن أحتقرَ أحدًا فأنظُر عليه من الأعلى إلى الأسفل.
نَحْنُ نُحِبُّهُ لِأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا (رسالة يوحنّا الرسولِ الأولى ٤: ١٩).
الهِبة والقُدْوة وترتيبُهما الصحيح
إذَنْ يسوعُ المسيح ُهو الهبةُ والقُدْوة، والكثير من الناس يعتبِرونه ”القُدْوة“. هذا ليس له أيّ استخدام على الإطلاق، إذا لم يفهموا أوّلًا، وقبلَ كلّ شيء، بأنّ يسوعَ المسيح هو هِبة لنا. لا ريبَ أنّ عددًا لا يُحصى من الناس، قد ذُهلوا أمامَ أُنموذَج عظيم، ومنهم، على سبيل المثال، الهندوس والبوذيون، الذين يمتدحون أصنامَهم ولكنّهم لم يجِدوا حتّى الآن المسيحَ الحقيقي. يسوع المسيح كشخصٍ يظَلّ لُغزًا، حتّى يتِمَّ توضيحُه لنا كهِبة. بعد ذلك يُصبح تِلقائيًا قُدوتَنا أيضا.
إجمالًا، يسوعُ المسيح هو، في المقام الأوّل، هبة وموهبةٌ لنا وثانيًا قُدوة وأُنْموذج.
وإذا ٱعتبرناه قُدوةً وأُنموذجًا يُحتذى به فقط، فهذا يَعني أنّنا لم نفهمِ المسيحَ الحقيقيَّ قطُّ، ونظَلّ في الواقع خارجَ إطار المسيحية.
أنا مسيحيٌّ نسبةً ليسوعَ المسيح الناصريّ لأنّه جعلني ابنَ الله. ما تبقّى من حياتي هو تحدٍ كبير ورائع للتعلّم من أُنموذجي الكبير.